أول الكلام


نقرأ معاً.. نفكر معاً..الحياة مشاركة




الاثنين، 11 يناير 2016

حديث الدهشة

نُشرت في مجلة التكوين ، سلطنة عُمان ، العدد الثالث يناير ٢٠١٦


قد تختلف التفسيرات التي نضعها للظواهر والاعتقادات التي نعيشها ونؤمن بها عن تلك التي يملكها الآخرون عنّا والتي بموجبها يفسرون أحوالنا.  فقد تكون نظرتهم هذه ناقصة وقد تكون شاملة وربما غير مألوفة أو متوقعة بالنسبة لنا. وهنا يعيش الانسان دهشةً كبيرة، وربما نوعاً من الصدمة ناتجة عن ذلك الفارق بين نظرته وقراءاته للداخل وبين نظرة الخارج اليه وإلى تفسيراته حول ذات الأفكار والاعتقادات. وفي سعي الفرد للوصول إلى رؤية متوازنة نفترض انطلاق الفرد من داخله أولاً، وبما لديه من معارف متراكمة، والاستعداد لبناء جسرٍ من التفكير والقبول لتفسيرات الآخر له والأسباب التي يسوقها ، وليس بالضرورة للدخول في مواجهة تفكيرية تبريرية على أساس الطرف المنتصر و الطرف المهزوم،  بل أن في المعرفة من التنوع ما يتسع للكثير من الحقائق والظواهر والاعتقادات وإن بدت بعضها متعارضة ظاهريا.

( حديث الانسان)

هل كان الإنسان القديم أكثر انسجاما وسلاما مع الطبيعة من حوله ؟ هل كان أكثر منا دراية ببيئته وأكثر مهارة وعلما بتصريف  أمور حياته من غير الاعتماد على كل شيء مُصّنعٍ ومُعلبٍ ابتداءً  من الطعام وحتى المعرفة ، هل كان أقل اعتمادا على وسائل المعرفة الجاهزة وأكثر خبرةً واحتكاكاً بمتطلباته ؟ ألم يكن الانسان القديم ماهرا في فنون الصيد  وقادرا على توفير لقمته بيده ، وهو في كامل الاطمئنان لجنس ما يأكله ؟ ألم يكن أكثر قدرة على تحديد موقعه من خلال تتبع النجوم والكواكب وأحوال الطقس والمناخ ؟ ألم يكن الإنسان العادي قديما على دراية بأنواع النباتات والأعشاب وما ينفع منها للأكل والدواء والزينة والتطيب ؟ ألم يكن يصلح أرضه ويزرعها حسب ما يناسبها من المواسم والأحوال ويحصدها ويأكل غلتها طازجة أو يخزنها ويجففها لوقت الحاجة ؟ أليست هذه المهارات التي كان يتمتع بها الانسان القديم يوما لا يتمتع بها سوى المتخصصون والمهتمون اليوم فقط والأغلبية لا يملكون خبرة مباشرة مع هذه العلوم ؟

 (حديث الأحد)

صباحُ الأحد
ونزهةُ أمسٍ لم تزل
ظلاً يُرافقُني وأيُّ تعب
أن أبقى كل أحد
في انتظارٍ دون أحد !
كالفراشات نبضي
تموت بعد الربيع
وتحيا حين يعود الصقيع
وأنا في انتظار شفتيك
تبللّان ثغر المساء
بعيداً عن عشاءٍ حزين
وكعادة كل صباح
 تَدوس قدماك على 
لغةٍ تثرثر في عينيّ
تحترق الرغبة
وتدمع روحي رمادا
و ككل الآحاد
أفكر في شروقٍ رأيتُ غروبه من هنيهة
هل تدرك أن صباح الأحد
تغرب الشمس فيه قبل الشروق ؟؟؟











حديث الذات

نُشرت في مجلة التكوين ، سلطنة عُمان ، العدد الثاني ديسمبر ٢٠١٥


( حديث الذات)
هل تحتوي بعض جمادات الحياة على سحرٍ يجذب الناظر إليها؟ أهو الانسان الحيّ من يتنفس فيها الحياة أم هي العين الناظرة تلك التي تُسقط اختلاجاتها واحتياجاتها على الجماد فتبعث فيه الوميض ؟
أُدرك تماما متى أقع في حب لوحة .. ولا يكون ذلك الا حباً من أول نظرة وبذلك أعلم أنه حبٌ خالي من حسابات المنطق والحياة والربح والخسارة . وإذا أطلت المكوث أمام أي لوحة أكثر من دقيقة فهذا بالتأكيد أول علامات الاعجاب الذي يتبعه الحب ثم الشغف ثم الرغبة في تملك تلك اللوحة. تتوالى الطقوس ، أبتعد عن اللوحة قليلا ، أتأمل في ما سواها ، أراقب شوقي في العودة اليها ، فاذا عدت اليها أكثر من ثلاث مرات فهذا دلالة على أن طقوس الحب  قد اكتملت ولابد للوحة أن تكون قرينتي. لوحة واحدة فقط حتى الآن تمنيتُ حينها لو أني سرقتها وخرجت بها من المتحف ولهذه اللوحة حديثٌ آخر !

( حديث الحروف)
الكتب كالوجبات تماما كل نوع منها يلبي جانبا من جوعك، ورغبتك، واشتهائك لنوع الطعام، بعض الكتب كحبات الشيكولاتة التي تمنحك التفاؤل والاحساس بالجمال، وبعضها كسلطة صحية لابد منها لتقوي فكرك وتمنحه أساس المعنى، بعضها كحبات المكسرات التي تلتهمها وأنت أمام فيلم مشوق، وبعض الكتب لا يمكن تصنيفها لأنها تمنحك من كل الاحاسيس الحلوة والمرّة والمالحة طرفا من اللذة، هذه النوعية تمنحك اكتفاءً فكريا طويلاً ، لأنها تستعمر ذاكرتك وتوجه قراءاتك الأخرى ، وتعيد تفكيرك في ذلك الصدأ المتراكم في ذاكرتك .

( حديث الحياة)
في مؤتمر يجمع بين محبي اللغة العربية وكتّاب القصة للطفل والمهتمين بها، يركز مجموعة من الضيوف على الاهتمام باللغة العربية، وأن نترك جانبا تعليم الطفل اللغات الأجنبية ، رغم سمو الهدف يبقى غير واقعي ، وينسى الضيوف في خضم حماسهم أنهم جميعا خريجو جامعات أجنبية. دائما هناك وصفة صحيحة للتوازن يجب البحث عنها اذا اردنا تحقيق الهدف.

( حديث الموسيقى)
أتوق أن تُحدثني
وأن ترسل الأقمار ترصدني
أتوق أن تلاحقني
لأسمع صوت خلخال يراقصني
أتوق أن تُغرقني
في اليمّ حباً وتقتلني
أتوق أن تتركني
على رمال الشطّ فتغسلني
أمواج الشوق وحرقة الشمس
أتوق أن تحدثني

همساً كذِكرِا في عتمة الليل .