أول الكلام


نقرأ معاً.. نفكر معاً..الحياة مشاركة




الأحد، 18 يناير 2009

علينا أن نعدل الصورة المشوهة التي نحملها عن حماس

بقلم: ويليام سيجهارت
تايمز أون لاين 31/12/2008
ترجمة : قسم الترجمة في مركز الشرق العربي
الأسبوع الماضي كنت في غزة. و عندما كنت أسير في الشارع التقيت بمجموعة تتكون من 20 رجل شرطة كانوا يخضعون لدورة تدريبية في إدارة الصراع. لقد كانوا تواقين لمعرفة ما إذا كان الأجانب يشعرون أنهم أكثر أمانا منذ أن استولت حركة حماس على الحكومة؟ في الواقع لقد شعرنا بذلك فعلا, و هذا ما أخبرناهم به. ليس هناك أي شك أن الشهور ال18 الماضية شهدت هدوء نسبيا في شوارع غزة؛ ليس هناك مسلحون في الشوارع و لا مزيد من عمليات الخطف. و قد تبسم رجال الشرطة أولئك باعتزاز كبير و لوحوا لنا بأيديهم.
بعد أقل من أسبوع على ذلك اللقاء جميع أولئك الرجال ماتوا, و قد قتلتهم الصواريخ الإسرائيلية في احتفال التخريج. ترى هل كانوا "أعضاء خطرين في حركة حماس"؟ لا, لقد كانوا رجال شرطة غير مسلحين, لقد تم قتل رجال الخدمة العامة هؤلاء ليس في "معسكر تدريب" بل في نفس مركز الشرطة الذي كان يستعمل من قبل البريطانيين و الإسرائيليين و حركة فتح خلال فترات حكمهم هناك في منتصف مدينة غزة.
إن هذا التمييز أمر مهم لأنه و بينما تعرض هذه الصور المريعة في غزة و تقوم اسرائيل باستعراض نفسها على شاشاتنا فإن حرب الكلمات تجري و تحجب عنا فهم الحقائق الجارية على الأرض.
من أو ما هي حماس, تلك المنظمة التي يريد أيهود باراك وزير الدفاع الإسرائيلي أن يزيلها كما لو كانت فيروسا؟ لماذا نجحت في الانتخابات الفلسطينية و لماذا سمحت بانطلاق الصواريخ نحو اسرائيل؟ إن قصة حماس خلال السنوات ال3 الماضية تكشف كيف أن سوء فهم الحكومات الاسرائيلية و الأمريكية و البريطانية هو الذي قاد الحركة الى هذه المواقف العنيفة التي نشهدها الآن.
لقد بدأت القصة منذ ما يقرب من 3 سنوات عندما نجحت حركة حماس بشكل غير متوقع في أول انتخابات حرة و نزيهة في العالم العربي, و قد نجحت الحركة وفقا للبرنامج الذي طرحته و الذي يتمثل في إنهاء الفساد المستشري و العمل على دعم الخدمات الحكومية العامة غير الموجودة تقريبا في قطاع غزة و الضفة الغربية. و قد أثار هذا الحزب الديني إعجاب المجتمع العلماني السائد مما أهل الحركة لتفوز بما يقرب من 42% من مجموع الأصوات.
إن الفلسطينيين لم يصوتوا لحماس لأنها كرست نفسها لتدمير دولة اسرائيل أو لأنها كانت مسئولة عن موجة الهجمات الانتحارية التي أدت الى مقتل العديد من المدنيين الإسرائيليين. لقد صوتوا لحماس لأنهم اعتقدوا أن فتح و هو حزب الحكومة المرفوضة, قد خذلتهم. فعلى الرغم من رفض العنف و اعتراف حركة فتح بإسرائيل فإنها لم تنجح في إقامة الدولة الفلسطينية. إنه لمن المهم معرفة هذا الأمر لفهم الموقف الرافض المفترض لحماس. إن حماس لن تعترف بإسرائيل كما أنها لن تتخلى عن حق المقاومة حتى تتأكد من التزام العالم بالحل العادل للقضية الفلسطينية.
في فترة السنوات الخمس5 التي زرت بها غزة و الضفة الغربية, التقيت بمئات من السياسيين و المناصرين لحركة حماس. لا أحد منهم صرح أو زعم بأن هدف الحركة هو أسلمة المجتمع الفلسطيني على طراز طالبان. إن حماس تعتمد على أصوات العلمانيين بشكل كبير و لذلك فإنه من غير المحتمل أن تقوم بذلك. إن الناس لا زالوا يستمعون الى موسيقى البوب و يشاهدون التلفاز و لازال باستطاعة النساء أن يخترن ما إذا كن يرد ارتداء الحجاب من عدمه.
إن القادة السياسيين لحركة حماس لربما كانوا من أكثر حملة المؤهلات العلمية العالية في العالم. فالحركة تفتخر بوجود أكثر من 500 من حملة درجة الدكتوراه في صفوفها و غالب عناصر الحركة من الطبقة الوسطى من المهنيين سواء أكانوا أطباء أو أطباء أسنان و علميين و مهندسين. و أغلب قيادات الحركة درسوا في جامعات ليس فيها أي نوع من الكراهية الأيدلوجية تجاه الغرب. إن أساس وجود هذه الحركة هو الظلم الواقع على الشعب و قد كرست نفسها للتعامل مع حالة غياب العدل التي يتعرض لها أبناء شعبها. و تعرض الحركة بشكل مستمر هدنة مدتها 10 سنوات من أجل أن تعطي مجالا للتنفس لحل الصراع الذي استمر لفترة تزيد عن 60 سنة.
إن رد بوش- بلير على فوز حماس في عام 2006 هو عامل مهم لحالة الرعب التي نعيشها هذه الأيام. فبدلا من القبول بالحكومة المنتخبة ديمقراطيا فقد مولوا محاولة لإزالتها بالقوة؛ و عملوا على تدريب مجموعات مسلحة من حركة فتح من أجل الإطاحة بحركة حماس عسكريا و فرض حكومة جديدة غير منتخبة على الفلسطينيين. أضف على ذلك أن هناك 45 نائبا من حركة حماس محتجزون في السجون الاسرائيلية.
قبل 6 أشهر وافقت الحكومة الاسرائيلية على وقف إطلاق النار مع حركة حماس توسطت به مصر. و في مقابل وقف إطلاق النار وافقت اسرائيل على فتح المعابر و السماح بدخول المواد الأساسية من و الى غزة. و قد توقفت الصواريخ ولكن المعابر لم تفتح بشكل تام, و قد بدأ الناس في غزة يعانون من الجوع. و لم يكن هذا الحظر في صالح عملية السلام.

و عندما تساءل الغربيون حول ما يدور في ذهن قادة حماس عندما يأمرون بإطلاق الصواريخ نحو اسرائيل أخفقوا في فهم الموقف الفلسطيني. قبل شهرين تقريبا قامت قوات الدفاع الاسرائيلية بخرق الهدنة عندما دخلت غزة و بدأت بدورة من القتل هناك مرة أخرى. في كل الروايات الفلسطينية فإن كل دورة من الهجمات الصاروخية هي رد على الهجمات الاسرائيلية. و في الروايات الاسرائيلية فإن العكس هو ما يجري.
و لكن ما الذي يعني أن يتحدث السيد باراك حول تدمير حماس؟ هل يعني هذا قتل 42% من الفلسطينيين الذين صوتوا لصالحها؟ أم هل يعني هذا إعادة احتلال قطاع غزة و هو الذي انسحبت منه اسرائيل بشكل مؤلم قبل 3 سنوات؟ أم هل يعني هذا فصل غزة عن الضفة الغربية بشكل دائم, سياسيا و جغرافيا؟ و لأولئك الذين يتذرعون بأمن اسرائيل, كيف يمكن التعامل مع التهديد الذي يفرضه ثلاثة أرباع مليون شاب نشأوا في غزة على كراهية أولئك الذين عملوا على تجويعهم و قصفهم طيلة الفترة الماضية؟
لقد قيل إنه من المستحيل حل هذا النزاع. في الواقع فإن الموضوع بسيط. إن الأشخاص ال 1000 الأعلى الذين يحكمون اسرائيل (من السياسيين و الجنرالات و أجهزة الأمن) و قادة الإسلاميين الفلسطينيين لم يلتقوا أبدا. إن السلام الحقيقي يتطلب أن يجلس هؤلاء الأشخاص مع بعضهم البعض دون أي شروط مسبقة. و لكن أحداث الأيام القليلة الماضية جعلت من حصول هذا الأمر صعبا. إن هذا هو التحدي الذي يواجه الإدارة الجديدة في واشنطن و حلفائها الغربيين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق