أول الكلام


نقرأ معاً.. نفكر معاً..الحياة مشاركة




الاثنين، 11 يونيو 2012

" شانغريلا" الجنة المفقودة


قد يكون العديد منًا على معرفة بسلسلة الفنادق الآسيوية الفاخرة المعروفة باسم شانغريللا، إلا ان معلومة بسيطة على موقع الفندق الإلكتروني تشير إلى أن اسم الفندق مستوحى من رواية خيالية بعنوان (البعد المفقود). لم تكن هذه الرواية عادية في تأثيرها وأحداثها ، فقد ألهمت هذه الرواية الفانتازية العديد من المغامرين والمؤرخين والسينمائيين. صدرت رواية (البعد المفقود) عام 1933 للكاتب البريطاني جيمس هيلتون، وفيها نجد وصفأ آسراً لمكان خيالي منعزل عن العالم الخارجي وغارق في سلام نادر مع الطبيعة من حوله. كما أن سكانه خالدون ، حيث أن منطقتهم لا تخضع لحسابات الزمن. وقد سمى الكاتب  هذا المكان بـ (شانغريللا). ويعود أصل هذه الكلمة إلى لغة التبت، وتعني الممر الجبلي لمنطقة تسمى شانغ. أما أحداث الرواية فهي تدور حول مجموعة من الغربيين الذين تم انقاذهم من حرب ما في وسط آسيا بطائرة سرعان ما تحطمت بهم في قرية معزولة محاطة بأكثر الجبال إرتفاعا على وجه الآرض. ويكتشف هؤلاء القادمون من عالم غارق في ماديته وصراعاته عالماً مختلفاً لا يخضع للمادية الأرضية أو لتعاقب الزمن، ويعيش سكانه في تمازج وتناغم نادر مع الطبيعة من حولهم.

أصبحت شانغريللا منذ صدور هذه الرواية رمزاً للجنة الأرضية الخالدة والقابعة في عمق وديان الهيملايا، أصبحت شانغريللا يوتوبيا المتخيليين والحالمين. وحيث أن الكاتب لم يشر في روايته إلى المكان الذي شكل مصدر إلهامه، فإن العديد من المدن المعزولة والنائية في الهيملايا خاصة ما بين شمال الهند ومنطقة التبت قد أدّعت أنها موطن رواية هيلتون الشهيرة لجذب السياح إليها. كما أن خيال المورخين والمهتمين طاف بكل الهيملايا لعلهم يجدوا الجنة الضائعة التي وصفها هيلتون. ولكن ما هي المنطقة الفعلية التي شكلت مصدراً لإلهام الكاتب ليتخيل الجنة في شكلها الأرضي؟ الإجابة غير محددة وعدد من المؤرخين ومعدَي البرامج الوثائقية اقترحوا أماكن مختلفة لشانغريللا. ويقال أن مدينة باكستانية في الشمال تسمى ب Hunza valley هي مصدر إلهام الكاتب وقد زارها هيلتون قبل عدة سنوات من إصدار روايته الشهيرة. وهي مدينة معزولة خضراء محاطة بالجبال وتقع في الجانب الغربي من الهيملايا وتتشابه سمات هذه المدينة مع وصف شانغريللا في رواية الكاتب. وقد قام المؤرخ البريطاني ومقدم البرامج الوثائقية المتميزة مايكل وود برحلة مدهشة إلى المناطق المحاذية لجبال الهيملايا، لعله يكتشف الفردوس الضائع. وفي برنامجه الوثائقي المسمى (the search of myths and heroes) الذي عرض على BBC، فإن مايكل وود يتنقل عبر مناطق آسرة في جمالها وهدوئها، ويرى وود أن الشانغريللا الأسطورة هي المدينة المهملة Tsaparang، والتي كانت في يوم ما عاصمة مملكة تاريخية قديمة في غرب الهيملايا، وقد اندثرت هذه المملكة البوذية بشكل غامض.

والحقيقة أن حلم البشر بوجود مدينة أسطورية او ضائعة او الفردوس الأرضي ليس بالغريب. فالعديد من الحضارات تحدثت عن مثل هذه اليوتوبيا أو المدينة المثالية. بل أن أحد القراءات المحتملة لقصة النبي آدم عليه السلام والجنة التي كان يسكنها والسيدة حواء، توحي بأن هذا الفردوس كان فردوسا على الأرض. فهل يمكن أن يتوصل البشر يوما إلى إكتشاف فردوس النبي آدم الأرضي ؟




حلم ليلة صيفية


رأيت فيما يرى النائم أني استيقظت في مدينة عجيبة، مميزة التنظيم ، واضحة التخطيط ، مكتملة الخدمات!

أيقنت أنني حُملت إلى مدينة ليست من بلادي، فالشوارع في بلادي لا تظهر إلا بعد اكتمال بناء البيوت، والبيوت تمتد وتنكمش مساحاتها حسب أهم حروف الأبجدية على الإطلاق (الواو). وحين تكتمل الشوارع فإن لها شكلاً مميزا لا يمكن أن تخطئه العين، فهو إما يؤول إلى نهاية مسدودة، إو يفاجئك ببوابة البيت المبني حديثا، او أنه يدور بك في متاهة لولبية الشكل ، أو أن الشارع سليم من كل عيب لكنه يتخذ شكل الثعبان في مساراته وتعرجاته!

وأعجب من ذلك أن مدينتي السحرية تم تخطيطها لتكون سكنية صرفة ، أما مدن بلادي فإنها تتميز بالمرونة الشديدة فهي سكنية اليوم وتجارية غدا وتجمع الاثنين بعد غد ، ولا أحد يعلم كم من المباني الضخمة ستلتهمها وكم من المجمعات التجارية ستعرقل السير فيها وتقلب المدينة رأسا على عقب بازدحامها ووجودها في الأماكن الخاطئة.

والغريب ان سكان المدينة السحرية يعلمون حقيقة مستقبل مدينتهم، فالتخطيط المدني الحديث يعتمد على إشراك مواطني هذه المدينة السحرية في التفكير بالصورة المستقبلية لمدينتهم، بل ويشركهم في إطلاق الأسماء الجميلة على الشوارع والجسور الحديثة. اما سكان مدينتي فهم لا يعلمون انهم يعيشون على برك من المياه الآسنة، وملوثات عجيبة ترزح بها تربة المدن المكتظة بالسكان. أما عن المستقبل فإن هذه الكلمة شاذة لا مرادف لها في قاموس اليوم.

رأيت فيما يرى النائم أني أمشي بأمان شديد إلى جوار سلات القمامة المصففة بنظام والمغلقة بإحكام. كدت أقسم في حلمي انها حتما ليست مدينتي! ففي مدينتي طلبت من طبيبي الخاص أن يوفر لي اختيارا طبيا شديد التطور، يسمح لي بتعطيل حواسي كلها وليس حاسة الشم فقط حينما أقترب من سلات القمامة. كما طلبت منه ان يقوي عضلات الركض لدي عند تعطيل هذه الحواس. والسبب واضح فسلات القمامة في مدينتي كريمة إلى أقصى حد، فهي توفر المأوى مجاناً للقطط الضالة والمريضة والمشردة والمعوقة، وحالم تلقي بما لديك في القمامة فإنك تفاجىء بالقطط المذعورة وقد اخذت بالتقافز يمنة ويسرة . ولا يقل أطفال الحارة في مدينتي كرماً عن ذلك، فهم يحملون هذه القطط الملوثة إلى بيوتهم او يلعبون معها فيخففون عنها شيئا من عبء الامراض التي تثقلها! المشكلة ان مدينتي تزداد كرما يوما بعد يوم، فإلى جانب القطط، فإن الكلاب الضالة قد وجدت متنفسا لها واصبحت تقيم في منطقة بحرية جميلة كان يفترض بها ان تكون موقعا لفندق من الدرجة الرابعة لولا ان الأحلام الكبيرة يمكن أن تنهار أمام أعيننا.

حاولت أن أ فرك عيني أو أقرص يدي لعلي استيقظ من أحلامي عن مدن لا توجد في خارطة وطني، لكن كيف يمكن ان أتخلى بإرادتي عن حب يشتعل في قلبي لأرض أعشقها رغم كل المحن..! وهكذا قررت البقاء أحلم بمدينة سحرية، لا تعترف بالفوارق بين البشرولا تتوزع فيها الأراضي حسب ما تشتهيه أذواق من جاء بهم القدر. صرت أحلم بمسكن على تلة صخرية مشرفة على شاطىء البحر، او بمسكن يشرف على شواطىء من مياه الذهب، او بمسكن صغير لا يشعر بالغربة من وجوده إلى جوار قصر فاخر، كحوت يوشك على إبتلاع سمكة لأنها قررت أن تشاركه مياه المحيط ذاتها! 

وإلى أن نستيقظ .. يمكن ان نحلم دون مقابل!