أول الكلام


نقرأ معاً.. نفكر معاً..الحياة مشاركة




الاثنين، 11 يونيو 2012

حلم ليلة صيفية


رأيت فيما يرى النائم أني استيقظت في مدينة عجيبة، مميزة التنظيم ، واضحة التخطيط ، مكتملة الخدمات!

أيقنت أنني حُملت إلى مدينة ليست من بلادي، فالشوارع في بلادي لا تظهر إلا بعد اكتمال بناء البيوت، والبيوت تمتد وتنكمش مساحاتها حسب أهم حروف الأبجدية على الإطلاق (الواو). وحين تكتمل الشوارع فإن لها شكلاً مميزا لا يمكن أن تخطئه العين، فهو إما يؤول إلى نهاية مسدودة، إو يفاجئك ببوابة البيت المبني حديثا، او أنه يدور بك في متاهة لولبية الشكل ، أو أن الشارع سليم من كل عيب لكنه يتخذ شكل الثعبان في مساراته وتعرجاته!

وأعجب من ذلك أن مدينتي السحرية تم تخطيطها لتكون سكنية صرفة ، أما مدن بلادي فإنها تتميز بالمرونة الشديدة فهي سكنية اليوم وتجارية غدا وتجمع الاثنين بعد غد ، ولا أحد يعلم كم من المباني الضخمة ستلتهمها وكم من المجمعات التجارية ستعرقل السير فيها وتقلب المدينة رأسا على عقب بازدحامها ووجودها في الأماكن الخاطئة.

والغريب ان سكان المدينة السحرية يعلمون حقيقة مستقبل مدينتهم، فالتخطيط المدني الحديث يعتمد على إشراك مواطني هذه المدينة السحرية في التفكير بالصورة المستقبلية لمدينتهم، بل ويشركهم في إطلاق الأسماء الجميلة على الشوارع والجسور الحديثة. اما سكان مدينتي فهم لا يعلمون انهم يعيشون على برك من المياه الآسنة، وملوثات عجيبة ترزح بها تربة المدن المكتظة بالسكان. أما عن المستقبل فإن هذه الكلمة شاذة لا مرادف لها في قاموس اليوم.

رأيت فيما يرى النائم أني أمشي بأمان شديد إلى جوار سلات القمامة المصففة بنظام والمغلقة بإحكام. كدت أقسم في حلمي انها حتما ليست مدينتي! ففي مدينتي طلبت من طبيبي الخاص أن يوفر لي اختيارا طبيا شديد التطور، يسمح لي بتعطيل حواسي كلها وليس حاسة الشم فقط حينما أقترب من سلات القمامة. كما طلبت منه ان يقوي عضلات الركض لدي عند تعطيل هذه الحواس. والسبب واضح فسلات القمامة في مدينتي كريمة إلى أقصى حد، فهي توفر المأوى مجاناً للقطط الضالة والمريضة والمشردة والمعوقة، وحالم تلقي بما لديك في القمامة فإنك تفاجىء بالقطط المذعورة وقد اخذت بالتقافز يمنة ويسرة . ولا يقل أطفال الحارة في مدينتي كرماً عن ذلك، فهم يحملون هذه القطط الملوثة إلى بيوتهم او يلعبون معها فيخففون عنها شيئا من عبء الامراض التي تثقلها! المشكلة ان مدينتي تزداد كرما يوما بعد يوم، فإلى جانب القطط، فإن الكلاب الضالة قد وجدت متنفسا لها واصبحت تقيم في منطقة بحرية جميلة كان يفترض بها ان تكون موقعا لفندق من الدرجة الرابعة لولا ان الأحلام الكبيرة يمكن أن تنهار أمام أعيننا.

حاولت أن أ فرك عيني أو أقرص يدي لعلي استيقظ من أحلامي عن مدن لا توجد في خارطة وطني، لكن كيف يمكن ان أتخلى بإرادتي عن حب يشتعل في قلبي لأرض أعشقها رغم كل المحن..! وهكذا قررت البقاء أحلم بمدينة سحرية، لا تعترف بالفوارق بين البشرولا تتوزع فيها الأراضي حسب ما تشتهيه أذواق من جاء بهم القدر. صرت أحلم بمسكن على تلة صخرية مشرفة على شاطىء البحر، او بمسكن يشرف على شواطىء من مياه الذهب، او بمسكن صغير لا يشعر بالغربة من وجوده إلى جوار قصر فاخر، كحوت يوشك على إبتلاع سمكة لأنها قررت أن تشاركه مياه المحيط ذاتها! 

وإلى أن نستيقظ .. يمكن ان نحلم دون مقابل!






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق