أول الكلام


نقرأ معاً.. نفكر معاً..الحياة مشاركة




الخميس، 8 يناير 2009

نورما الخوري تعود للظهورفي فيلم وثائقي استرالي

نُشر في جريدة عمان، ملحق (شرفات) نوفمبر2007
متابعة ومشاهدة الفيلم: أمامة مصطفى اللواتي
من "الحب المحرّم" إلى " الأكاذيب المحرّمة" !
نورما الخوري تعود للظهور في فيلم وثائقي استرالي
رواية " الحب المحرم"
أثارت رواية "الحب المحرم" للكاتبة الاميركية، والأردنية الأصل نورما الخوري الكثير من الضجة والجدل عند صدورها في عام 2003. والحقيقة انه رغم مرورما يقارب الأربع سنوات على صدورهذه الرواية واكتشاف ما بها من تدليس ، إلا أن التساؤلات ما زالت قائمة حول كتب السير الذاتية والروايات المبنية على تجارب شخصية والتي ما زالت تشكل مادة مثيرة لدور النشر والقرّاء الغربيين. فمن متابعة شخصية لنوعية الكتب التي تحتل أرفف المكتبات الاسترالية، يمكن القول ان هناك العديد من الكتب المؤلفة من قبل شخصيات يتم تصويرها على أنها (ضحايا) نظام او مجتمع محدد، ولا يخفى ان عدداً منها ينتمي إلى دول عربية أو إسلامية كالعراق والسعودية وافغانستان وإيران وبعض المجتمعات الاسلامية في الدول الأفريقية. وغلاف هذه الرواية والذي تظهر فيه صورة ( إمراة عربية) تخفي نصف وجهها هو غلافٌ شائع لعدد من الروايات الواقعية التي تتواجد على أرفف المكتبات الإسترالية.

تتحدث رواية " الحب المحرم" أو Forbidden Love المبنية على أحداث حقيقية كما زعمت الكاتبة، عن جريمة شرف وقعت في الأردن عام 1995، راح ضحيتها صديقة الكاتبة داليا. وداليا هي الفتاة الأردنية الشابة، الجميلة.. والمسلمة، والتي وقعت في حب جندي مسيحي بالجيش الأردني إسمه"مايكل". ألتقت داليا بمايكل في صالون حلاقة مشترك في العاصمة الأردنية عمّان حيث كانت تعمل هي ونورما الخوري. وقد اضطرت داليا إلى إخفاء علاقتها بحبيبها الكاثوليكي خوفا على حياتها من عائلتها وبسبب التقاليد الاسلامية. جريمتها الوحيدة كما تقول الخوري هي: الوقوع في الحب!
قُتلت داليا لاحقا على يد والدها حينما اكتشف أخوها الأكبر علاقتها بالشاب المسيحي، وأصبحت حياة الخوري مهددة بالخطر لمعرفتها بتفاصيل الجريمة. وبسبب تهديدات والدها هي شخصيا بالاقدام على قتلها في حالة اصرارها على فضح الجريمة، أضطرت الخوري كما تذكر في روايتها إلى مغادرة الأردن خوفا على حياتها حيث بدأت بكتابة احداث روايتها في مقاهي الانترنت باليونان.
حصلت الخوري بعدها على حق الإقامة المؤقتة في استراليا عام 2002 مع زوجها وابنيها، ومن استراليا تبدأ الأحداث المثيرة لحياة نورما الخوري المتناقضة. فقد قبلت إحدى أشهر دور النشر وهي راندوم هاوس نشر أحداث روايتها الحقيقية، وبيع منها 200 ألف نسخة في استراليا وحدها، وما يقارب 40 ألف نسخة في بريطانيا، كما تم توزيعها في 16 دولة. اشتهرت رواية " الحب الحرم" بين القراء وأصبحت تتربع على قائمة أكثر الكتب مبيعاً في استراليا. كما ان إليزابث تشيني، الابنة الكبرى لديك تشيني نائب الرئيس الأميركي جورج بوش، تأثرت بهذه الرواية وراحت تقيم اتصالات مع الكاتبة بالهاتف والبريد الإلكتروني وتشجعها.

رواية مزّورة!
قدمت نورما روايتها المكتوبة بانكليزية متقنة على أنها هدية لصديقة عمرها، ولكي تلفت انتباه العالم إلى ما تعانيه المرأة من حالات غير انسانية في مجتمع عربي تسود فيه حالات القتل من أجل طمس العار الذي لحق بالأسرة، ليمضي هذا الجرم بدون عقاب بل ويوافق عليه المجتمع ويقّره. هذا السيناريو الذي رسمته الخوري في "قصة حياتها الحقيقية" ثبت لاحقاً أنه سيناريو مفتعل ويحوي الكثير من الأكاذيب..!
وقد بدأت احداث فضيحة نشر سيرة ذاتية مكذوبة من قبل واحدة من أشهر دور النشر، عندما اعلنت ناشطة وصحفية أردنية ان نورما الخوري لم تكن في الأردن عند حدوث هذه الجريمة بل كانت في شيكاغو في الولايات المتحدة الاميركية. وان هذه الرواية غير واقعية ولا تستحق كاتبتها التمتع بوضع لاجىء، ولا بالشهرة التي حققتها بسبب إساءتها للمجتمع الأردني والدين الإسلامي والتلفيق الأدبي. وقد أشارت الصحفية الأردنية وعدد من الشخصيات النسائية الأردنية المعروفة بأن رواية "الحب المحرّم" تتضمن العشرات من الأخطاء، التي لا يمكن لمرتكبها ان يكون قد عاش في الأردن! ومن هذه الأخطاء قول الكاتبة أن نهر الأردن يمر بعمّان، وإن الكويت تقع على حدود المملكة الهاشمية. إضافة إلى أن القوانين في الأردن لا تسمح بتأسيس صالون للحلاقة مشترك(رجالي ـ نسائي) كما أدّعت الكاتبة. وقد رفضت نورما الخوري هذه الادعاءات وأصرت على انها لم تزر الولايات المتحدة قبل صدور روايتها، وانها امضت جلّ حياتها في الأردن حيث كانت تملك الصالون المذكور مع داليا.

وقد تلاحقت أحداث هذه القضية عندما قرر احد الصحفيين الاستراليين وهو مالكولم نوكس تتبع الخيوط التي أثارتها الشخصيات النسائية الأردنية، حيث سافر إلى الولايات المتحدة الاميركية وتحديدا حيث أقامت نورما الخوري. وقد كانت المفاجأة أن الكاتبة غادرت الأردن برفقة عائلتها حين كانت في الثاثة من عمرها، كما أنها تحمل الجنسية الاميركية ومتزوجة من امريكي ذو أصل يوناني، ولديها طفلين. في حين ان الكاتبة التي كانت تعيش بسرية في إحدى ضواحي كوينزلاند باستراليا، لم تمانع بترويج وسائل الإعلام الاسترالية لها على أنها ( العذراء الأردنية). ولم تشر الكاتبة في روايتها الذائعة الصيت إلى هذه الحقائق، مخفية بذلك تفاصيل مهمة من حياتها عن وكيلها البريطاني وناشريها ومحاميها، بل وحتى الجارة الاسترالية التي اعتنت بأطفالها، حينما هربت الخوري من استراليا إلى الولايات المتحدة عند تفجر هذه الفضيحة.
وعلى إثر نشر مالكولم نتائج بحثه - والذي استمر 18 شهراً- في عام 2004 في صحيفة سيدني مورننغ هيرالد ، قررت دار راندوم سحب الرواية من المكتبات حتى يتسنى للكاتبة تقديم ما يثبت واقعية روايتها. وقد قدمت نورما الخوري عدداّ من الوثائق التي لم تكن مقنعة، قررت الدار على إثرها إتلاف الرواية وعدم نشر الجزء الثاني منها وعنوانه "مسألة شرف" والذي كان من المقرر ان يتم طرحه في الأسواق. ولم يكن من الغريب ان تتلقف وسائل الإعلام الاسترالية هذه القصة، حيث اعترفت نورما الخوري في مقابلة على التلفزيون الاسترالي، القناة التاسعة انها زّورت اجزاء من روايتها، وانها كذبت بشأن قصتها الحقيقية لكنها أصرت على ان داليا ماتت مقتولة في جريمة كانت هي الشاهدة فيها.

العودة في "أكاذيب محرمة"
وقد عادت نورما الخوري إلى الأضواء مجدداً عبر فيلم وثائقي بعنوان "الأكاذيب المحرمة" Forbidden Lie$ تم عرضه في مدينة بريزبن الاسترالية في سبتمبر2007 للمخرجة الاسترالية آنا برونوسكي. وقد وصف بعض النقاد الفيلم بانه احد أفضل الأفلام الوثائقية لهذا العام. وكما تعلّق صحيفة (الاسترالية) Australian فإن هذا الفيلم عبارة عن رحلة في عقل وتفكير الكاتبة نورما الخوري أكثر مما يهدف إلى البحث الموضوعي عن مصداقية روايتها. أحداث الفيلم التي تمتد عبر ساعة وعشرين دقيقة ممتعة ، تتخللها كوميديا استرالية خالصة، وتمثل فرصة ذهبية لبطلتها الرئيسة نورما الخوري لاثبات خطأ ما اُشيع حولها وحول روايتها المثيرة. تنتقل المخرجة في هذا الفيلم من كوينزلاند حيث أقامت الخوري مع عائلتها في استراليا إلى عمّان حيث زعمت الكاتبة انها امضت جلّ حياتها، ومن ثم إلى شيكاغو حيث تثبت الوثائق والأوراق الرسمية وعائلة الخوري المكّونة من والدتها وإخوتها، بل وحتى الجيران إقامة نورما بها منذ ان كانت في الثالثة من عمرها. وبقدر ما يمنح هذا الفيلم الفرصة للخوري للحديث والدفاع عن نفسها، بقدر ما يظهر شخصيتها الجذابة وأساليبها الملتوية وقدرتها على إختلاق الحقائق وإحاطة نفسها بمزيد من السرية. ترافق نورما المخرجة آنا إلى الأردن حيث تصطحب الكاتبة معها حارساً شخصياً أمريكيا، وتبدو نورما في مشاهد عدة من الفيلم وهي تدخن بكثرة.

يبدأ الفيلم بمشاهد درامية تظهر فيها شخصيات تمثل دور داليا وأفراد عائلتها والجندي الاميركي مايكل، ومن ثم مشاهد من جريمة قتل داليا حسب ما ورد في رواية الخوري، لتعود المشاهد مختلفة من جديد حسب روايات معارضي نورما الخوري.
يجري الفيلم العديد من اللقاءات مع أطراف مختلفة في هذه القضية يجمع اغلبها على اعتبار نورما شخصية مضللة. تجري المخرجة لقاءات مع عدد من الشخصيات الأردنية الناشطة في مجال حقوق المرأة بالأردن، وتزورالمستشفى الذي زعمت الخوري ان داليا نُقلت إليه بعد ان طعنها والدها حتى الموت، حيث تبحث المخرجة في السجلات الرسمية لحالات الوفاة دون ان تجد اسم داليا من بينها، ومن ثم إلى الشارع الذي أدّعت نورما وجود الصالون المشترك به، وأيضا دون وجود أثر لهذا الصالون. ومن ثم تمضي المخرجة بالمُشاهد إلى شيكاغو ، لتجري لقاءات مع أحد المسئولين حول دعاوى قضائية مرفوعة ضد نورما الخوري، ومن ثم إلى الحي الذي عاشت به نورما. وتعود بنا الكاتبة إلى كوينزلاند حيث تجري لقاءات مع الصحفي الاسترالي مالكولم، والجارة السابقة لنورما. ولا تنسى آنا ان تجري لقاءات مع وكيل نورما في لندن وناشرين آخرين تلقوا روايتها دون التحقق من مصداقية ما نشر فيها من احداث.

الجميل في الفيلم ان المخرجة نجحت في منح المشاهد فرصة التعرف على جوانب قضية الخوري المثيرة للجدل، حتى لو لم يكن المشاهد مطلعا على رواية " الحب المحرم"، ولكن من جانب آخر فقد فشلت الخوري رغم كونها البطلة الرئيسة في إثبات مصداقية روايتها، ليصبح العنوان الذي اختارته المخرجة "الأكاذيب المحرمة" مرادفاً للشهرة والثروة التي حققتها الخوري بفضل هذه الرواية. وأذكر تعليق صديقة استرالية بعد أن خرجنا من صالة العرض :" لم أسام من الفيلم، لكني سأمت من الاستماع إلى أكاذيب نورما المتكررة"!

المصادر:
1- صحيفة( الاسترالية) Australianسبتمبر15-16 2007
2- صحيفة سيدني مورننغ هيرالد The Sydney Morning Herald 13 سبتمبر 2007
3- صحيفة سيدني مورننغ هيرالد The Sydney Morning Herald24 يوليو 2004
4- فيلم ( الأكاذيب المحرمة) سبتمبر2007، مدينة بريزبن
5- The Age on line 18/8/2004
6- Femail.com.au
الصور:
1- غلاف رواية " الحب المحرم" نورما الخوري.
2- ملصق الفيلم الوثائقي " الأكاذيب المحرمة" وتظهر فيه صورة الكاتبة نورما الخوري.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق