أول الكلام


نقرأ معاً.. نفكر معاً..الحياة مشاركة




الأربعاء، 24 سبتمبر 2014

المأتم الحسيني : توصيف عام للمآتم النسائية في سور اللواتيا





مقدمة:

هذه الورقة ليست ورقة نقدية للممارسات والشعائر الحسينية أو للمهام التي يقوم بها المأتم الحسيني قدر ما هي ورقة توصيفية تتطرق الى الجانب الوصفي الشكلي للمأتم الحسيني، وتعريفه، والأدوار التي يقوم بها حاليا وما يمثله بالنسبة لأفراد المجتمع ، بالاضافة إلى ذكر أهم المآتم الحسينية النسائية المتواجدة في سور اللواتيا. ولعل البحث عن نشأة وتاريخ بناء هذه المآتم ومسمياتها قد يصبح قيّما في مرحلة لاحقة للورقة الحالية. والمآتم التي سأتطرق إلى وصفها هنا تقتصر على المآتم النسائية داخل سور اللواتية ، أو تلك المآتم المشتركة التي يستخدمها الرجال في أوقات محددة والتي يسمح للنساء باستخدامها أيضا في أوقات و مناسبات أخرى.

أيضا أطمح من هذه الورقة إلى تلقي ملاحظاتكم وتعليقاتكم ومعلوماتكم القيّمة حول أي محور من المحاور المطروحة، ولا أدّعي ان المعلومات المسجلة هنا صحيحة جميعها، بل هي تمثل ملاحظاتي الخاصة والهدف منها هو توثيق هذه المعلومات قبل أن يطويها النسيان وقبل أن يطوينا الزمن. كما يجب التنويه أني لست معنية هنا بالجانب النقدي ( سلبا كان أم ايجابا)، بل الهدف بالدرجة الأولى توثيق هذه المعلومات التي تشكل جانبا مهما من تراثنا وعاداتنا داخل المجتمع العماني، وقد تكون هذه المعلومات غير معروفة لغير ابناء المجتمع وأعتقد انها يمكن أن تشكل إضافة قيمة للجوانب التطوعية والاجتماعية وطريقة إدارتها داخل المجتمع وأعتقد أنها واحدة من التجارب التي يمكن الاستفادة منها. أرجوا من الأخوة ابداء ملاحظاتهم وتصحيح المعلومات هنا أو إضافة ما يعتقدونه مهما من الجوانب التاريخية، وأعتقد أن العديد من الأخوة يملكون الكثير من المعلومات الرائعة بحكم خبراتهم واطّلاعهم.

الشكل العام للمأتم الحسيني:

المأتم أو الحُسينية -كما يطلق عليه في بعض الدول العربية- عبارة عن قاعات واسعة أو غرف تتفاوت في أحجامها، فقد تكون قاعة مستقلة تسمى بأسم عام مثل المأتم الكبير والمأتم الصغير، والدخول والخروج إليها في هذه الحالة يكون فقط لمن يرتادون المأتم، وقد تكون عبارة عن غرفة في منزل من المنازل السكنية داخل سور اللواتيا، تم تخصيصها وتحويلها الى مأتم، وبالتالي يلحق أسم المأتم بصاحب المنزل ، وقد يلتحق اسم المأتم باسم الخطيبة التي تقوم بالقراءة فيه ، وقد يكون أصحاب الدار يسكنون الغرف الأخرى في المنزل ويتخذونها كسكن دائم أو سكن مؤقت. إلى جانب أن بعض المنازل تم  دمجها لاحقا لتصبح قاعة واحدة او غرفة واحدة واسعة وتخصيصها بأسم المأتم الحسيني. 

في وسط المأتم أو في مكان مناسب يعتبر صدارة الغرفة أو القاعة  يوضع المنبر الذي يتم الجلوس عليه عبر ارتقاء درجات قليلة ، حيث تقوم الخطيبة بالقاء المحاضرة الدينية عليه. يتم تزيين المنبر ـ وهذا الغالب في المآتم النسائية ـ بكمية من الورود خاصة الياسمين وبعض المصوغات الذهبية التي تكون بأشكال محددة لا تخلو من رمزية، حيث تشير إلى شخصيات و أحداث وقصص وقعت في كربلاء. يتم تزيين المنبر أيضا بأقمشة مزركشة بهية الالوان في الأيام العادية أو المناسبات السعيدة ، وتغطيته بقماش من المخمل الأسود في المناسبات الحزينة. تُزين جدران المأتم بلوحات قماشية متفاوتة الحجم  تسمى (بوش) للمفرد و (بوشا) للجمع ، تحمل عبارات مختلفة كالصلاة على النبي وأهل بيته أو بعض الآيات الكريمة أو المأثورات، كما قد تحمل أسماء أهل البيت عليهم السلام. ويتم صناعة هذه اللوحات القماشية والكتابة عليها باللغة العربية بأسلوب الخياطة أو التطريز بألوان واضحة وزاهية في الهند. بعض اللوحات مخصصة مثلا لبطل كربلاء أبو الفضل العباس، أو لشخصيات كربلاء الأخرى، إلى جانب اللوحات القماشية المصنوعة من المخمل والتي قد تحمل سور المعوذات وبعض العبارات التراثية المعروفة  كعبارة (لا فتي الا علي لا سيف الا ذو الفقار). المآتم كلها تحتوي على ملحق صغير أو مطبخ صغير لخدمة زوار المأتم حيث يتم إعداد الشاي أو القهوة أو العصير أو إعداد ما يسمى ب (الفاتحة) وتكون عبارة عن فواكة أو وجبات خفيفة يتم توزيعها على الزوار وتختلف التوزيعات حسب المناسبات التي تقام من أجلها.

تفرش أرضية المآتم بالسجادات وتتوزع المساند والمخدات الصغيرة على الجوانب والجدران، وقد كانت الجلسة أرضية حتى عهد قريب الا انه تم ادخال الجلسة المرتفعة على الطريقة العربية بحيث تكون بامتداد جدران المأتم كلها او ثلاث جدران تقريبا، وبالتالي فان من لا يرغب الجلوس على الارض يمكنه من الجلوس على الدوشك العربي المرتفع.

استخدامات المآتم الحسينية:

يمثل المأتم مكانا عاما يجتمع فيه الناس لأحياء مناسبات محددة في أغلب الأحيان، إلا أنها ايضا تشكل مكانا للتعارف الاجتماعي وتبادل الأخبار والاطمئنان على افراد المجتمع من الأحبة والأصدقاء. ويجب الإشارة الى ان المآتم في سور اللواتيا جميعها منفصلة، أي أن للنساء مآتمهم الخاصة التي لا يجوز للرجال التواجد فيها، كما لا يحبذ وجود الصبيان فيها. وبعض المآتم الكبيرة (مثل المأتم الكبير والمأتم الصغير) يستخدم من قبل النساء والرجال ولكن في أوقات منفصلة بمعنى أنه لا يمكن تواجد الجنسين في نفس القاعة أو المأتم، بل يجري استخدام هذين المأتمين مثلا حسب جدول محدد مسبقا. أيضا مما يُحسب للمأتم الحسيني في سور اللواتيا، هو الاستخدام المفصّل للمأتم الكبير الذي يتكون من طابقين، كل طابق عبارة عن قاعة هي الأوسع في سور اللواتيا، وفي خلال شهر رمضان ومحرم وصفر يتم تخصيص الطابق الثاني للأمهات والأطفال، وتخصيص القاعة في الطابق الأول للنساء اللاتي يرغبن في الاستماع الى المحاضرة في جو من الهدوء . وتوجد لجان من النساء المتطوعات هدفهن الأشراف على المآتم من النواحي التنظيمية.

تُستخدم المآتم الحسينية في ما يلي:
١- الاحتفال بمناسبات دينية محددة هي كالتالي : ( ذكرى ولادة أو استشهاد أهل البيت عليهم السلام، والمولد النبوي، ومناسبة الغدير و ذكرى الأسراء والمعراج، والمحاضرات الدينية في شهر رمضان الكريم، وذكرى استشهاد الامام الحسين عليه السلام وأهل بيته في شهري محرم وصفر).
٢- القيام بواجب العزاء تجاه المتوفين من أهالي المجتمع. حيث يجتمع أهل العزاء في مأتم محدد ( غالبا الأكثر اتساعا) وذلك لتلقي العزاء في فقيدهم/ فقيدتهم.
٣- حلقات الذكر وتلاوة وحفظ القرآن الكريم في شهر رمضان.
 ٤- المحاضرات الفقهية والعقائدية ودراسة السيرة المحمدية اسبوعيا للمراحل العمرية المختلفة.
٥- قديما كانت المآتم ايضا تستخدم لحفلات الزواج أوالخطوبة أو حفلة عرض هدايا العروس والتي تكون في صباح العرس وتسمى (بيروني).


طاقم العمل والاشراف في المأتم:


يعتمد طاقم العمل والأشراف على المتطوعات بشكل كامل ، فحين تقوم مجموعة من النساء بالاتفاق معا، لاقامة الذكر الحسيني فإن الهدف بالدرجة الأولى يكون هو الثواب، وجعل ذكر أهل البيت ذكرا مستمرا، ويبدأ غالبا مع وجود سيدة ترغب في تخصيص منزلها أو غرفة بالمنزل لذكر أهل البيت، فقديما وما يزال المجتمع يشعر بالبركة بوجود ذكر دائم لأهل البيت عليهم السلام في المنزل. ومن ثم يتم الاتفاق مع الخطيبة التي يقع عليها االاختيار لالقاء المحاضرة أو (القراية ).

المُلاَّية أو المُلياني (الخطيبة): وهي السيدة التي تقوم بقراءة الرثاء أو النعي و المحاضرة، ويخصص لها صدر المجلس للجلوس كنوع من التشريف والتكريم. دور الملياني كان يعتبر مهنة لدى الكثيرات وهي مهنة تشريف بالنسبة لهن بالدرجة الأولى وبالتالي كان يتم تكريمهن بمنحهن مبلغ رمزي للتعبير عن الشكر والامتنان، ويرجع الأمر الى الملياني نفسها في قبول هذا المبلغ الرمزي الذي كان يشكل مصدر دخل لبعض النساء قديما، او ان الخطيبة تقوم بدورها بشكل تطوعي اذا لم تكن في حاجة مادية الى المبلغ . قد تخصص الخطيبة وقتها للقراءة في مأتم محدد وبالتالي قد يرتبط اسمها باسم المأتم الذي تقرأ فيه، وقد تقرأ ايضا في أكثر من مأتم، فمثلا يمكنها ان تقرأ في مأتم محدد الفترة الصباحية، وفي مأتم آخر في الفترة المسائية.

الباني: ويقصد بها السيدة المشرفة على المأتم وقد تكون صاحبة المكان أو من تملك المأتم، أو تكون فقط مشرفة على المأتم. وهي تقوم بالاشراف العام على المأتم وتوزيع المهام الأخرى على السيدات الاخريات. تجلس الباني ايضا في صدر المجلس ، غالبا الى يمين الملاية او يسارها وتجلس قارئة القصائد ايضا في المقدمة بالقرب من المنبر.

ذاكر:  والجمع (ذاكرو) والمقصود بهم النساء الذين يداومون على الالتزام بمأتم محدد، فهناك نوع من الولاء الذي يقوم بين المأتم وأصحابه والمداومين على الحضور اليه بصفة دائمة، وهؤلاء تكون لهم مكانة مميزة كونهم من الدائمي الحضور والدعم للمأتم سواء بالتواجد والمشاركة في فعاليات المأتم أو بالتبرعات المالية. أيضا بسبب حضورهم الدائم فهم غالبا يجلسون في أماكن محددة، ولذلك يفضل الزوار الآخرون كنوع من الاحترام لهم على عدم الجلوس في أماكنهم التي تصبح معروفة وربما شبه محجوزة لهم مع مرور الزمن .

الموزعة (تشريفا يقال لها خادمة الامام الحسين): والتي تقوم بتوزيع القهوة والشاي والفاتحة وخدمة الزوار، وتتميز بمكانتها حيث تتنافس السيدات على خدمة المأتم الحسيني وقد تقوم بالخدمة امرأة واحدة أو اكثر، حيث تُخصَص واحدة أو أكثر لتوزيع القهوة والشاي، وتخصص سيدة أخرى لتوزيع الفاتحة سواء اثناء جلوس السيدات او عند انصرافهن حيث تقف على باب الخروج وبيدها سله او وعاء تحتوى على الفاتحة. ويعتمد عدد من يتطوعن لخدمة المأتم على حجم المأتم من ناحية مساحته وعدد المرتادين عليه.

قارائات القصائد : وهن يتمتع بصوت واضح وقوي وليس بالضرورة صوت جميل ويقمن بقراءة  القصائد الشعرية بصوت مُلحن، فإذا كانت المناسبة حزينة تسمى هذه القصائد بالنوحيات أو اللطميات، وإن كانت مناسبة سعيدة تسمى بالجلوات، وتُلقى قبل المحاضرة الاساسية للخطيبة وفي بعض الحالات بعد الانتهاء من المحاضرة التي تُلقى على المنبر.


آداب الجلوس والسلوك في المأتم:

يتميز المأتم الحسيني بتنظيمه الشديد فيما يتعلق بطريقة جلوس الزائرات وتوزيع مهام العمل فيه. ومن ناحية الجلوس فالحقيقة رغم رؤيتي لقاعات ومآتم الشيعة في بلدان أخرى الا ان مآتم النساء اللواتيا هي الأكثر تنظيما. فإذا كانت السيدة تحب الجلوس في صدر المجلس فعليها الجلوس بطريقة معينة، إما أن تستند إلى واجهة المنبر أو جوانبه أو جدران المأتم. وإذا كانت تحب الجلوس في الوسط من غير الاستناد الى الجدار فإن على الجالسين مقابل المنبر الحسيني الجلوس بمواجهة المنبر ، أما الجالسات الى الجانب الايمن والايسر من المنبر فعليهم الجلوس متقابلين بحيث يتوسطم أو يفصلهم المجموعة التي تجلس في النصف باتجاه المنبر. يتم الجلوس بهذه الطريقة في أغلب المآتم في ربع المساحة التي تشمل وتحيط بالمنبر، فيما يتم الجلوس في خطوط مستقيمة قدر الامكان في الخطوط التي تليها بحيث تجلس كل سيدة الى جوار الأخرى، باتجاه المنبر ومواجهة له، حيث يسهل النظر الى الخطيبة ومتابعتها أثناء القاء المحاضرة. وفي بعض الحالات قد ترتبك هذه الخطوط المستقيمة حينما يكون الازدحام شديدا ولكن بشكل عام يعتبر من غير المناسب الجلوس بشكل عشوائي، وغالبا ما تقوم إحدى السيدات بارشاد الزائرة الجديدة أو التي لم يسبق لها الحضور للمأتم - خاصة في ايام العزاء - الى الجلوس بالطريقة الصحيحة. أيضا من آداب الجلوس الاخرى هو أن تقدم المرأة الاصغر سنا مكانها - خاصة الاماكن التي يستند فيها الى الجدار- الى سيدة أكبر عمرا أو الحامل .

من غير اللائق تبادل الاحاديث الكثيرة او رفع الصوت بالكلام في المآتم مع الجالسات الى جوارك، ولكن في المناسبات السعيدة يتم التخفيف من هذا الوضع وتبادل الاحاديث الباسمة. ايضا ليس من اللائق التحدث في الهاتف النقال. أيضا ليس من اللائق التسرع في طلب الفاتحة او الشاي او القهوة بل عليك انتظار دورك حتي تنتهى السيدة الموزعة من تقديم الصينية الى الضيف الذي يجلس قبلك والانتظار حتى تقدم لك الصينية بشكل شخصي. 

متى يُعقد المأتم الحسيني؟

يعقد المأتم الحسيني بشكل ثابت أسبوعيا عصر كل يوم خميس ، أو عصر كل اثنين و خميس بالنسبة للنساء،  وبعض المآتم تعقد بشكل يومي على الفترة الصباحية بحيث تنتهي قبل صلاة الظهر، أو في الفترة المسائية على أن تنتهي قبل صلاة المغرب . وقديما وحتى الآن تخلو المنازل و السكك المجاورة للمأتم في هذه الفترة من الرجال، الذين كانوا يتوجهون لتجمعاتهم خارج السور، أو ينصرفون لشئونهم الأخرى. حيث يعقد الرجال محاضراتهم في الفترة المسائية بعد صلاة العشاء يومي الاثنين والخميس، ويتغير هذا البرنامج في شهور رمضان ومحرم وصفر. كما يعقد المأتم في حالات ذكرى ولادة او استشهاد أهل البيت عليهم السلام، والاحتفال بالمولد النبوي وذكرى الاسراء والمعراج ومناسبة الغدير. الى جانب ان المأتم يتم استخدامه لتلقي العزاء في المتوفين من أهالي المجتمع .

مواضيع المآتم الحسينية:

أُنشأ المآتم الحسيني بشكل أساسي لاقامة مجلس عزاء لوفاة الامام الحسين بحيث يتم تلاوة مصرع الامام الحسين وما جرى عليه في واقعة كربلاء وما جرى عليه من أحداث وقعت في شهر محرم، ومن ثم ذكرى عودة نساء الحسين الى زيارته في كربلاء في شهر صفر. تطورت بعد ذلك الاحداث التي يتم الاحتفاء بها الى ذكرى مواليد واستشهاد أهل البيت عليهم السلام، حيث يتم التطرق الى ذكرهم وسيرتهم واستخلاص بعض العبر والنصائح الدينية من تاريخهم. ايضا يتم استخدام المأتم كمكان لالقاء المحاضرات الدينية في شهر رمضان وما يتصل بأمور العبادة والفقه والتاريخ والفلسفة والسيرة والعقائد الاسلامية. ويُستخدم ايضا لتوعية الجيل الناشىء بشكل اسبوعي يبدا مع بداية العام الدراسي لتعليم الاطفال في جميع مراحلهم الدراسية وبشكل منفصل للذكور عن الاناث ما يتصل بتفسير القرآن والتاريخ والفقه والسيرة، كما يتم استخدامه في شهر رمضان كجلسات لتدبر القران وتلاوته وحفظة حيث يتم اجراء تقييم وعقد مسابقات يتم في النهاية تكريم المتفوقين في حفلة بسيطة يتم عقدها في المأتم.



النظافة:

النظافة عامل مهم جدا في المأتم، ومن النادر جدا ان تدخل مأتم من ماتم السور وتجده غير مرتب او مليئ بالمناديل الورقية او بقايا الاوراق او شي ملقى هنا وهناك، حيث تطور الوعي بذلك كثيرا واصبحت القائمات على المأتم يحرصن على تمرير اكياس للنفايات قبل خروج الجميع من المأتم. ويتم تخصيص عاملة غالبا تكون عاملة الباني او احد المشرفات للقيام بتنظيف المآتم بعد كل مرة ينتهي فيها المجلس الحسيني، كما ان اغلب الماتم ان لم يكن جلّها مزودة بدورة مياه نظيفة.


استخدام المآتم في العزاء للميت ( المتوفين من أهالي المجتمع):
التجمع في المأتم لتلقي العزاء يكون للحضور من النساء فقط، واذا كان تلقي العزاء للميت مقام في سور اللواتيا فإنه يكون في مأتم خيجا بسبب مساحته المناسبة وربما قد تكون هناك أسباب أخرى تجهلها الكاتبة. بالنسبة للرجال  فإنهم يقومون بتلقي العزاء في المساجد. ويبدو أن العرف في تلقي عزاد المفقودين من الأهل في المأتم بدلا من المنزل سببه أن الاهالي قديما حين كان أغلبهم مقيما في سور اللواتيا، كان يسهل عليهم التجمع لتقديم واجب العزاء في نفس منطقتهم إلى جانب أن المنازل صغيرة ولا تتسع لاستقبال المعزين وخدمتهم، وبالتالي فإن التجمع كان يتم في أوسع مكان داخل السور وهو في هذه الحالة المأتم . مع ملاحظة أن هناك مسجد قديم للنساء في السور باسم مسجد السيدة خديجة بنت خويلد والذي كان قبل سنوات طويلة جدا مسجدا للرجال ثم تم تخصيصه للنساء. أيضا للنساء نصيبٌ من المسجد الأحدث وهو مسجد الرسول الأعظم المطل على الكورنيش حيث ان الطابق الثاني منه مخصص للنساء فقط وله مدخل منفصل.

يقوم أهل المتوفى بالحضور الى المأتم والجلوس فيه بطريقةٍ وتنظيمٍ معين، هدفه الأول التسيهل على الزائرات معرفة أهل العزاء وأقارب المتوفى وبالتالي التوجه اليهم مباشرة للسلام والتعزية. يتم تخصيص ثلاث أيام لتلقى العزاء في الميت في الفترتين الصباحية والمسائية لليومين الاولين والفترة الصباحية فقط لليوم الثالث حيث يطلق عليه يوم (القيام) أي اليوم الذي ينتهي فيه اهل المتوفى من تلقي العزاء في المأتم. يقوم أقارب المتوفي بالجلوس مستندين الى الجدار حيث يشكلون حرف  L مقلوبة، وتجلس النساء بطريقة معينة ابتداء بالسيدة الاقرب الى المتوفى ، حيث يصبح موقعها في هذه الحالة في الزاوية تماما ، حسب الترتيب التالي (الام، الزوجة، الابنة ) وثم البقية حسب الاقرب. ويجلس الاقرب في الجانب الايسر من القاعة، في حين يجلس الاقل قرابة بشكل مواجه للداخل الى المأتم .

يتم توزيع مصاحف مجزأة من القرآن على الحاضرين، حيث توضع المصاحف المجزأة على طاولة مقابل اهل العزاء، وتصطف عليها الي جانب الاجزاء التي تم الانتهاء منها، والاجزاء الاخرى التي لم تقرأ بعد ويتم توزيعها على الداخلين بهدف ختم القرآن عدة مرات واهداء ثواب الختمة الى المتوفى والدعاء له.

 العرف السائد قديما كان يرى من غير اللائق حضور غير المتزوجة لمجلس العزاء حيث كان الحضور يقتصر على المتزوجات باستثناء اذا كانت السيدة الغير المتزوجة هي من أهل العزاء، ايضا ليس من الشائع حضور الاطفال الى مجلس التعزية للميت، ويمكن حضورهم في سوى ذلك من الحالات. ويبدو ان هذا العرف تم سنّه بسبب نقص المآتم قديما وعدم وجود اماكن كافية لاستقبال جميع المعزين، فكان هذا الاستثناء الذي يقلل من الحضور، وقد يكون لهذا اسباب اجتماعية أخرى ايضا ربما يتم تحليلها لاحقا. في الوقت الحالي فإن هذا العرف لم يُعد بنفس الصرامة ويمكن لغير المتزوجات الحضور للتعزية بالميت.


 أهم آسماء المآتم في سور اللواتيا :

١- مأتم بيبي علوية
٢- مأتم هاجر وخديج (خديجة)
٣- مأتم خاتون
٤- مأتم خيجا
٥- المأتم الكبير
٦- المأتم الصغير
٧- مأتم فوزية باي
٨- مأتم نرجس شوانو
٩- مأتم فاطمة بدرو
١٠- مأتم صفو آسري (صفية)
١١- مأتم دولت
١٢- مأتم نزهت
١٣- مأتم بتول باني
١٥- مأتم صديقة محمد جواد
١٦ مأتم أم البنين أو مأتم الاطفال
١٧- مأتم رقية بنت الحسين
١٩- مأتم نجاة
٢٠- مأتم حبّاب

المرأة والخطابة :

تستحق القارئات في المآتم الحسينية (الخطيبات وقارئات القصائد) أن تُوثق سيرتهن وأن تُذكر أسمائهن ، فالزمن الذي كنّ يقمن فيه بالقراءة على المنبر الحسيني لم يكن زمن يجيد فيه الجميع القراءة والكتابة ولم يكن العرف آنذاك يعتبر التعليم ضرورة للمرأة، ولذلك فإنه من الغريب حقا وجود مجموعة كبيرة من النساء اللواتي كن يستطعن القراءة سواء من الخطيبات أو قارئات القصائد الحسينية. والفضل في ذلك يعود بالدرجة الأولى الى كتاتيب تعليم القرآن الكريم ، حيث ينبغي هنا مثلا الاشارة الى دور ملياني مريم رحمها الله والتي كانت تملك كتّابا لتعليم القرآن الكريم خارج سور اللواتيا. الى جانب سفر الكثيرات الى العراق لزيارة مراقد أهل البيت عليهم السلام ومكوثهم هناك لفترات طويلة كانت تمكنهم من تعليم احكام الدين من العلماء في كربلاء والنجف.
 ورغم ذلك فقد كنّ هؤلاء النسوة من الخطيبات وقارئات القصائد الحسينية يقرأن من الكتب الدينية المتعددة المتوفرة لديهن مع التركيز على سيرة أهل البيت بشكل خاص، كما أن قارئات القصائد كن يقمن بنسخ القصائد من بعضهن أو من الكتب المتوفرة بخط ايديهن ، ويبدو لي ذلك شيئا مدهشا أن تجيد هؤلاء النسوة القراءة والكتابة فالفترة التي تواجدن فيها تعود إلى ما قبل فترة السبعينات، وهي الفترة التي لم يكن من الممكن قبلها تلقي التعليم الرسمي للمرأة في المجتمع العماني .

أسماء القارئات الحسينيات (الخطيبات أو الملياني فقط) من المتوفيات :
 بيبي علوية رحمها الله
ملياني خيجا رحمها الله
ملياني شيرين محمود (شيري) رحمها الله
ملياني فاطمة عزوز رحمها الله( لم تكن تبصر بل تحفظ كل ما كانت تقرأه على المنبر عن ظهر قلب)
 ملياني ندى محسن رحمها الله (من الجيل الجديد والتي رحلت في سن مبكرة)
ملياني فاطمة (فتّو) رحمها الله
المرحومة ملياني نرجس ( أم هناء)


ملاحظة: هناك قائمة أخرى تضم القارئات الجديدات حفظهن الله ولكن فضلت عدم وضعها هنا قبل استطلاع اذا كنّ لا يمانعن في ذلك.

هناك 3 تعليقات:

  1. لدي حلم حضور (حسينيه) كوني لست على المذهب الشيعي منذ 10 سنوات، الليلة تذكرت حلمي عندما كنت اتساءل عن تاريخ الشهري الهجري، حيث محرم على الأبواب... خطرت في بالي أسماء كثيرة يمكن أن استفسر منها عن إمكانية الأمر أولها (أنت) ولحسن الحظ اتعثر بهذا النص... سأكون ممتنة وأكثر إذا كان بالإمكان منح شغفي هذه التجربة.

    ردحذف
    الردود
    1. أهلا وسهلا بك وشكرا جزيلا على تعليقك. إذا أحببت الزيارة فحتما سأرافقك فقط تواصلي معي على الايميل omamamustafa@gmail.com

      حذف
    2. شكرا لرحابة صدرك

      حذف