أول الكلام


نقرأ معاً.. نفكر معاً..الحياة مشاركة




الثلاثاء، 6 يناير 2009

الجزء(2) بين بريزبن والوطن

هل يمكن القول ان هذه الصور مثالية وأن الحياة وردية بشكل عام؟ بالطبع لا يمكن القول بوجود مجتمع مثالي خالي من العيوب.. لكن يمكن الحديث عن مجتمع يحاول افراده التعايش معاً واحترام الآخروالالتزام بالنظام والقانون وبالشفافية قدر الإمكان. يمكن الحديث عن مجتمع تنتشر فيه قيمٌ إسلامية من غير ان يكون جلّ أفراده من المسلمين. وحين تفكرفي كل تلك الأمور البسيطة والمهمة تبقى تتساءل بمرارة: ترى ماذا يفقد المرء في أرض الوطن؟
هل هما البساطة والحرية اللتان تضيفان سحراً خاصاً لحياة الغربة والبعد عن الوطن ؟ نعم فالوطن يحمل لي في البداية فرحة اللقاء بالأهل والأصحاب ، لكنه يغدو بعد فترة من الزمن عنواناً للتشتت.. للإزدواجية!
وأبقى طويلاً أراوح مكاني في عالم المقارنات.. وتبقى العديد من الأسئلة تدّك عقلي وتعفر روحي، فكيف يمكن لهؤلاء القوم الذين لم يبصروا شمس القيم والأخلاقيات التي يزخر بها ديننا على هذا القدر من الاحترام والرغبة في التعايش والتمازج مع الغير؟
وأتذكر مقولة الامام محمد عبده بعد زيارته لفرنسا (رأيت إسلاما بلا مسلمين) في مقابل ما رآه في بلاد المسلمين (رأيت مسلمين بلا إسلام). ما أصدق هذه العبارات وما أشد التزام القوم بالنظم والقوانين التي تتقارب مع تعاليم ديننا الحنيف وما أشد بعدنا عن هذه الأخلاقيات وقد ورثناها منذ أكثر من ألف وأربعمائة سنة!

ما أكثر ما تجد التواضع ونكران الذات والتحدث بكل شفافية وبساطة عن المشكلات والمعوقات والانجازات. هناك الأكف تصفق اقتناعا بأن ما تحقق كان يستحق العناء والتكريم، هنالك يكسب ذو السبعة اعوام نفس الاهتمام والاحترام الذي يكسبه ابن السبعين. هناك يكسب عامل النظافة نفس الاحترام الذي يكسبه مديرٌ مرموق ، فالشخص هناك لا يحترم فقط للألقاب التي تسبق وتلحق اسمه بل يحترم لذاته!

جولة بسيطة بسيارتك في شوارعنا وشوارعهم وستجد كم هو الفرق شاسع. ولا أقصد بالفرق تخطيط الشوارع ووضوحه وسهولة الوصول إلى أي منطقة من مجرد النظر في الخريطة المطبوعة، بل في قيمة الاحترام! تقود سيارتك هنا ، وتقف امام الإشارات الحمراء، وقد تسرح قليلاً أو تنشغل بالبحث عن محطة مناسبة تستمع إليها، وتفتح الاشارة الخضراء ، ولوهلة، لوهلة بسيطة قد يفوتك ذلك قبل أن تطلق العنان لسيارتك، لكنك تجد أبواق السيارات من ورائك لا ترحم وكأنك في سباق إجباري، غيرالسباب الذي ربما تكون قد تلقيته وبالطبع لم ترى منه غير التعبيرات الغاضبة على وجه سائق السيارة خلفك.

حياة المظاهر والرسميات والبروتوكول في كل جوانب حياتنا وتحركاتنا وتفكيرنا تشلّني وتقيد زمام عشقي لأرضي المعطاءة ! فما أكثر ما نولع بالكلمات الطنانة الرنانة كلما سنحت الفرصة، ولا تنسى حبنا لتمشية الأحوال وأن كانت الأحوال في أسوأ حال من التنظيم .وما اصعب الحصول على المعلومات في أرض تتحرك بالشائعات وغياب المعلومات. المدارس تعلم الطالب احترام الاستاذ والوقت والمدرسة والواجب..ألخ، وقليلاً ما تشجع المعلم على احترام الطالب واحترام الشخصية الصغيرة التي تنمو ببطء وحذر في داخله، فلم تعلمه أن يناقش ويعارض ، ولم تعلم المدرسة المدرس ان يحترم وقت الطالب بعد أن يعود إلى البيت عوضاً عن إرهاقه بالواجبات. المدرسة لم تدرك أن هناك مساحة حقيقية أخرى في حياة الطالب غير المدرسة هي مواهبه وحياته التي يجب أن تنال على نصيبها بانتهاء الدراسة.

هناك تعليق واحد:

  1. was touched by this experience and believe it's true.
    Let me just add one thing, I believe that Australian are distingushed by being "down to earth people". My kids had some years in a school in Australia and I had experienced exactlly what you have had, now I live in Dubai and my kids go to a private English school, well sadly enough that we are going through same what you went through in Oman. The prince of Kent had to officially open the school and we were reminded via mobile text messages twice a day about the importance of this day and what children and parents must wear and how they bow to the price when we see him and the list goes on, I decided not to send my kids to school on that day.

    Rasha

    ردحذف